بين الدمار أو الانهيار : مصالح باسيل الشخصيّة وحليفه سِيَّانٌ

بين الدمار أو الانهيار : مصالح باسيل الشخصيّة وحليفه سِيَّانٌ

التعطيل يجرّ التعطيل، والشغور يجرّ الشغور، والتحلّل يجرّ التحلّل؛ وفي نهاية المطاف تطرح إشكاليّة مَن هو المستفيد من هذا المسار الانحداري كلّه؟ وهل وصل الأمر بالمتشدّقين بقوّتهم الوازنة عبر سلاح حليفهم غير الشرعي بإعادة حقوق المسيحيّين إلى محق أهمّ المواقع اللبنانيّة فقط لاعتبارات مصلحيّة ذاتيّة؟ وهل خروج التيار الوطني الحرّ عن المسار التّاريخي للمسيحيّين لا زال يستأثر باهتمام النّاخب اللبناني؟

تتعدّد الإشكاليّات التي أدّت إلى ضرب المسار التّاريخي للمسيحيّين في لبنان، والتي حوّلتهم مع الفريق الذي حكم منذ العام 2008 وحتّى الساعة، من مجموعة حضاريّة كِيانيّة لبنانيّة بالصميم، إلى مجرّد مجموعة سياسيّة ترتبط بمصلحة رئيس التيار الوطني الحرّ فقط. تارةً العماد ميشال عون وطورًا صهره العتيد الذي دخل كتاب غينس للأرقام القياسيّة من حيث معدّل الكراهية الجماهيرية التي تجلّت بأبهى حللها في ذلك ال 17 من تشرين الأوّل من العام 2019.

هذه الرّوح السياسيّة المركنتيليّة الشريرة النّفعيّة دفعت بهذا الفريق بالتحديد إلى القبول بالتعيينات بغياب رئيس الجمهوريّة فيما هو نفسه رفض هذا المبدأ، رفض اجتماع الحكومة في غياب رئيس الجمهوريّة لأنّها حكومة تصريف أعمال، ها هو اليوم يطالب باجتماع الحكومة. كما أنّه كان يطالب حكومة تصريف الأعمال بتوقيع وزرائها كلّهم على أيّ قرار قد تتّخذه، فيما اليوم بات لا يكترث لتواقيع الوزراء كلّهم لاستصدار قرار حكومي بتعيين قائد جديد للجيش.

هذه الازدواجيّة القاتلة التي تنطلق من المصلحة الأنويّة على حساب المصلحة الجَمْعِيَّة تصيب الوطن مقتلاً بمؤسّساته، أو بالحقيقة، فلنقل بما تبقى من مؤسّساته. لكأنّ هذا الفريق لا زال يعتقد أنّه محور الوجود، فيما هو لا يريد الرّكون إلى ما قاله النّاس في صندوقة الاقتراع في أيّار من العام 2022. وما الحجم الذي ينعم به اليوم سوى تلك الفقّاعة التي نفختها منظمة حزب الله في محاولة منها للحفاظ على هذا الغطاء المسيحي. وهي تعي جيّدًا أنّها لا تستطيع التخلّي عنه. كما انّه هو نفسه يدرك تمام الإدراك انّه لا يستطيع التخلّي عنها.

أمام هذا الواقع التعطيلي المفروض بقوّة سلاح الأمر الواقع الذي يستفيد اليوم من تداعيات حرب غزّة، تحت ذريعة أيّ كلمة عنه اليوم تعتبر خدمة للعدوّ الإسرائيلي. فيما الخدمة الوحيدة التي يتلقّاها العدوّ هي بتسيّب الدّولة اللبنانيّة وإبقائها مخطوفة ورهينة لدن منظّمة حزب الله وحليفها، لأنّ ذلك ما يمنع قيام جمهوريّة قادرة وقويّة جنبًا إلى جنبه لتنافسه في الميادين كافّة؛ بما فيها الميادين الأمنيّة والعسكريّة لأنّ جيشنا الوطني قادر وقوي بما فيه الكفاية فيما لو تمّ تحرير قراره السياسي، وتنظيفه من فلول البعث، ومحسوبيّات المنظّمة الذين يعملون من منطلقاتهم الفئويّة الحضاريّة، وليس من المنطلقات الوطنيّة.

حتّى بات هذا الفريق يتقن سياسة عدم العمل والتعطيل عمدًا، حيث إنّ انتخاب رئيس الجمهوريّة يحلّ معظم هذه المعضلات التي يختلقها هذا الفريق من لا شيء. على قاعدة مرتا مرتا تتلهين بامور كثيرة، فيما المطلوب واحد. واوّل ما يجب مواجهته هو سياسة تكريس الأعراف التي سرعان ما عمل هذا الفريق على تثبيتها في بعض المؤسسات المنيّة.وإن اقتضى الأمر النّزول إلى الشارع لاستعمال القدرة الجماهيرية. فيجب ألا يتوانى الفريق السيادي. وليكن شارع مقابل شارع. ولتعد ثنائيّة 14 و 8 لأنّ البلد لم يعد يحتمل أيّ تعطيل. فالمسّ بالقيادة اللبنانيّة الوحيدة القادرة على مواجهة العدو مؤسّساتيّا ممنوع. وباتت المطالبة بتنفيذ القرار 1701 هي الهدف الوحيد المفترض أن يصبح أولويّة الأولويّات لتحصين الجيش اللبناني أكثر فأكثر.

وعلى الفريق السيادي الاقتناع أنّه مع هذه الأنويّة الغالبة، والتي تتفوّق على الأنانيّة الشخصيّة حتّى، لن يتمكّن من انتخاب رئيس للجمهوريّة، إلا بحال تبدّل المعطيات الدّوليّة. لذلك، قد يكون الأوان حان لتبديل الاستراتيجيّات بتقديم الأولويّات؛ حيث يجب العمل اوّلاً على تطبيق القرارات الدّوليّة لنّ هذه المرحلة تتطلّب ذلك. فقبل حرب غزّة لم تكن هذه المسألة أولويّة دوليّة. وكان الصوت اللبناني المطالب بهذا الخيار غير مسموع بالمطلق.

أمّا اليوم، وبعد الأحداث التي تضرب جنوب لبنان وغزّة معًا، وبعد مخاطر توسّع الصراع الذي يسعى الاسرائيلي أكثر من الأميركي إلى توسيعه، فباعتقادي أنّ مطالبة الفريق السيادي بتنفيذ القرارات الدّوليّة قد تلقى صدًى أكبر، لا بل دعمًا دوليًّا، ومصلحة مشترَكَة: دوليّة – سياديّة، لن تجد فرصةً مؤاتيةً بعد ذلك. من هنا، ضرورة تصويب البوصلة وإعادة ترتيب الأولويّات. فالرئيس الذي قد ينتخَب قبل تنفيذ القرارات الدّوليّة، قد يكون نسخة عن سلفه. أمّا إن نجح السياديّون بانتزاع الدّعم الدّولي لتطبيق القرارات الدوليّة التي تخدم المصلحة الدّوليّة راهنًا، فعندها فقط سيكون رئيس جمهوريّة للجمهوريّة القويّة في لبنان الجديد لتجنّب الدّمار أو الانهيار. ومَن له أذنان للسماع … فليسمع !

Please follow and like us:

بين الدمار أو الانهيار : مصالح باسيل الشخصيّة وحليفه سِيَّانٌ

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to top
Follow by Email
LinkedIn
Share
WhatsApp